السجاد البربري هو أحد الرموز الأكثر شهرة للحرف اليدوية المغربية. تُعد هذه السجادات التي تصنعها النساء البربريات في المناطق الجبلية في المغرب أكثر بكثير من مجرد قطع زخرفية بسيطة. فكل سجادة هي عمل فني فريد من نوعه يحكي قصة من خلال أنماطه وألوانه. يستكشف هذا المقال أصول السجاد البربري وتقنيات تصنيعه وأهميته الثقافية.
تُعد القبائل البربرية، التي تعيش في جبال الأطلس وغيرها من المناطق الريفية في المغرب، هي صاحبة تقاليد صناعة السجاد. يعود تاريخ هذه الخبرة إلى عدة قرون مضت، وقد طورت كل قبيلة أسلوبها الخاص في النسيج. يُصنع السجاد البربري يدوياً بشكل تقليدي باستخدام الصوف المحلي، وغالباً ما تكون الزخارف المنسوجة فيه رموزاً تمثل عناصر طبيعية أو معتقدات دينية أو أحداثاً في الحياة اليومية.
تُعد الأنماط الهندسية من أكثر السمات اللافتة للنظر في السجاد البربري. وهي تختلف حسب القبيلة والمنطقة. قد تمثل الزخارف الجبال أو الأنهار أو الحيوانات، وكذلك رموز الخصوبة أو الحماية أو السعادة. كما أن الألوان المستخدمة ذات دلالة أيضاً. فالأحمر، على سبيل المثال، يرمز إلى القوة والشجاعة، في حين يمكن أن يرمز اللون الأسود إلى الحماية من الشر.
تُعد صناعة السجاد البربري عملية طويلة ومعقدة. حيث يتم نسج كل سجادة يدوياً بالكامل، وغالباً ما تستغرق عدة أشهر. تستخدم النساء أنوالاً تقليدية لصناعة السجاد وكل مرحلة من مراحل العملية، بدءاً من غزل الصوف وحتى التشطيب، تتم يدوياً. لا تضمن هذه الطريقة جودة السجادة فحسب، بل تضمن أيضاً تفردها.
هناك عدة أنواع من السجاد البربري حسب المنطقة. ويُعد سجاد الأطلس من أشهرها، وخاصة سجاد قبيلة بني وران. تشتهر هذه السجاجيد بزخارفها البسيطة باللونين الأبيض والأسود، وهي تحظى بتقدير كبير لبساطتها وجمالياتها المعاصرة. وعلى النقيض من ذلك، غالباً ما يكون السجاد من منطقة زمور أكثر ألواناً ومزخرفاً بتصاميم معقدة.
بالإضافة إلى جمالها، فإن للسجاد البربري وظيفة نفعية. ففي المناطق الجبلية في المغرب، تُستخدم السجاد البربري كمفارش للأسرّة أو سجاد للأرضية أو حتى معاطف للحماية من البرد. كما أنها جزء لا يتجزأ من أسلوب الحياة البربري، حيث لكل سجادة معنى خاص داخل الأسرة.
واليوم، أصبح السجاد البربري يحظى بشعبية كبيرة على المستوى الدولي، وخاصةً في الدول الغربية. وقد جعلتها جماليتها الفريدة من نوعها، جنباً إلى جنب مع حرفيتها التقليدية، تحظى بشعبية كبيرة لدى مصممي الديكور الداخلي. يُصدَّر العديد من السجاد البربري إلى دول مثلفرنسا والولايات المتحدة واليابان، حيث يُستخدم لتزيين المساحات الحديثة والمعاصرة.
ومع ذلك، فقد خلقت هذه الشعبية المتزايدة أيضاً تحديات للحرفيين البربر. فقد أدى الطلب الدولي إلى زيادة الإنتاج، حيث يتم الآن تداول العديد من السجاد البربري المقلد المنتج صناعياً في الأسواق. وهذا يهدد أصالة السجاد التقليدي وجودته، وتعمل العديد من التعاونيات بنشاط للحفاظ على المعرفة التقليدية.
السجادة البربرية أكثر بكثير من مجرد قطعة زخرفية بسيطة. إنها رمز للثراء الثقافي المغربي وشهادة حية على الحرفية التقليدية. تحكي كل سجادة قصة، ويستحق تراثها أن يُحفظ للأجيال القادمة.