كانت فترة الحماية الفرنسية في المغرب (1912-1956) فترة محورية في تاريخ البلاد المعاصر. فخلال هذه الفترة، شهد المغرب تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة، كما شهد مقاومة شرسة في مواجهة الاحتلال. يتناول هذا المقال الجوانب الرئيسية لهذه الفترة وتأثيرها الدائم على المغرب الحديث.

كان إنشاء الحماية الفرنسية في المغرب نتيجة لمعاهدة فاس الموقعة في 30 مارس 1912، والتي وضعت المغرب تحت وصاية فرنسا. جاءت هذه المعاهدة بعد عقود من التوتر الدولي الذي أحاط بالمغرب، الذي كانت القوى الأوروبية تعتبره منطقة استراتيجية. وعلى الرغم من احتفاظ المغرب بالسيادة الرسمية تحت حكم السلطان، إلا أن السلطة الحقيقية كانت في يد السلطات الفرنسية ممثلة في المقيم العام.

في ظل الحماية، اتبعت فرنسا سياسة واسعة لتحديث البنية التحتية والاقتصاد. فتم بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ لتسهيل استغلال الموارد الطبيعية للبلاد، وخاصة الفوسفات. كما أدخلت فرنسا أيضاً إصلاحات إدارية وقانونية مستوحاة من النموذج الفرنسي، مما أدى إلى تغيير عميق في المجتمع المغربي.

من الناحية العمرانية، تم إنشاء مدن جديدة، تُعرف باسم القرى الجديدة، إلى جانب المدن القديمة. المدينة العتيقة. الدار البيضاء أصبح المغرب، على وجه الخصوص، مركزاً اقتصادياً وتجارياً رئيسياً تحت الحكم الفرنسي. جذبت هذه التطورات الاستثمارات وعملت على تحديث الاقتصاد المغربي، لكنها عززت أيضاً التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية بين المغاربة والمستوطنين الأوروبيين.

ومع ذلك، تميزت فترة الحماية أيضًا بمقاومة متزايدة من جانب المغاربة. تجلت هذه المقاومة بطرق مختلفة، تراوحت بين الثورات المسلحة في المناطق الجبلية وظهور الحركات الوطنية في المناطق الحضرية. ومن أبرز حلقات هذه المقاومة كانت حرب الريف (1921-1926) التي قادها عبد الكريم الخطابي الذي ألحق خسائر فادحة بالقوات الاستعمارية قبل أن ينهزم في النهاية.

في أربعينيات القرن العشرين، تمحورت القومية المغربية حول أحزاب سياسية مثل حزب الاستقلال الذي طالب باستقلال المغرب. المغرب. المغاربة استلهمت حركات إنهاء الاستعمار في جميع أنحاء العالم، وكثفت نضالها من أجل السيادة الوطنية. وبلغت هذه الفترة ذروتها في أزمة عام 1953، عندما قامت السلطات الفرنسية بنفي السلطان محمد الخامس من قبل السلطات الفرنسية، مما أدى إلى موجة من الاحتجاجات والثورات في جميع أنحاء البلاد.

وفي مواجهة المطالب القومية المتزايدة والضغوط الدولية، وافقت فرنسا أخيراً على التفاوض بشأن استقلال المغرب. وفي 2 آذار/مارس 1956، استعاد المغرب سيادته الكاملة، ووضع حداً للحماية. ومع ذلك، لا تزال آثار الحماية ملموسة في السياسة والاقتصاد والمجتمع المغربي المعاصر.

كانت فترة الحماية الفرنسية في المغرب فترة تغيير ومقاومة عميقة. وقد تركت إرثًا معقدًا يجمع بين التحديث والاستعمار، ولا يزال هذا الإرث يؤثر على تطور المغرب اليوم.